فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال أيضًا: وكان بينما هو منطلق إلى يروشليم اجتاز بين السامرة والجليل، وفيما هو داخل إلى إحدى القرى استقبله عشرة رجال برص فوقفوا من بعيد ورفعوا أصواتهم قائلين: يا يسوع الملعم ارحمنا! فنظر إليهم وقال لهم: اذهبوا وأروا أنفسكم للكهنة، وفيما هم منطلقون طهروا، فلما رأى أحدهم أنه قد طهر رجع بصوت عظيم بمجد الله وخر على وجهه عند رجليه شاكرًا له، وكان سامريًا، أجاب يسوع وقال: أليس العشرة قد طهروا فأين التسعة، ألم يجدوا ليرجعوا ويمجدوا الله ما خلا هذا الغريب، ثم قال له: قم فامض، إيمانكم خلصك.
قال متى: ولما قربوا من يروشليم وجاؤوا إلى بيت فاجي عند جبل الزيتون- وقال مرقس: عند باب فاجي وبيت عنيا جانب طور الزيتون- قال متى: حينئذ أرسل يسوع اثنين من تلاميذه: وقال لهما: اذهبا إلى القرية التي أمامكما فتجدان أتانه مربوطة وجحشًا معهما فحلاهما وائتياني بهما! فإن قال لكما أحد شيئًا فقولا له: إن الرب محتاج إليهما! فهو يرسلهما للقوت، كان هذا ليتم ما قيل في النبي القائل قولوا لابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك متواضعًا راكبًا على أتانه وجحش ابن أتانة، فذهب التلميذان وصنعا كما أمرهما يسوع، فأتيا بالأتانة والجحش وتركوا ثيابهم عليهما، وجلس معهما، وجمع كثير فرشوا ثيابهم في الطريق وآخرون قطعوا أغصانًا من الشجر وفرشوها في الطريق، وعبارة مرقس عن ذلك: تجد أن جحشًا مربوطًا لم يركبه أحد من الناس قط، فحلاه وائتيا به، فإن قال لكما أحد: ما تفعلان بهذا؟ فقولا: إن الرب محتاج إليه من ساعة يرسله، فذهبا ووجدا الجحش مربوطًا عند الباب خارجًا عن الطريق فحلاه فقال لهما قوم من القيام هناك: ما تصنعان؟ فقالا لهم كما قال يسوع فتركوهما، وجاءا بالجحش إلى يسوع فألقوا عليهم ثيابهم وجلس عليهم وكثير بسطوا ثيابهم في الطريق وآخرون قطعوا أغصانًا من الحقل وفرشوها في الطريق.
قال متى: والجمع الذي تقدمه والذي تبعوا صرخوا قائلين: أوصنا يا ابن داود مبارك الآتي باسم الرب، قال مرقس: ومباركة المملكة الآتية باسم الرب لأبينا داود أوصنا في العلاء، وقال لوقا: وكان لما قرب من منحدر جبل الزيتون بدأ جمع الملأ والتلاميذ يفرحون ويسبحون الله ويمجدونه بجميع الأصوات من أجل القوات التي نظروا قائلين: تبارك الملك الآتي باسم الرب والسلامة في السماء والمجد في العلا، وقوم من الفريسيين من بين الجمع قالوا له: ما معلم انتهر تلاميذك، فقال لهم: إن سكت التلاميذ نطقت الحجارة، فلما قرب نظر المدينة وبكى عليها وقال: لو علمت في هذا اليوم ما لك فيه من السلامة، فأما الآن فإنه قد خفي عن عينيك، وسوف تأتي أيام تلقى أعداؤك معلمك ويحيطون بك ويضيقون عليك من كل موضع ويقتلونك وبنيك فيك ولا يتركون فيك حجرًا، وقال متى: فلما دخل إلى يروشليم ارتجت المدينة كلها قائلين: من هذا؟ فقال الجمع: هذا يسوع النبي الذي هو من ناصرة الجليل، فدخل يسوع إلى هيكل الله وأخرج جميع الذين يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارف وكراسي باعة الحمام وقال لهم: مكتوب أن بيتي بيت الصلاة يدعى، وأنتم جعلتموه مغارة للصوص.
وقال يوحنا: فصعد يسوع إلي يروشليم فوجد في الهيكل باعة البقرة والكباش والحمام وصيارف جلوسًا، فصنع محضرة من حبل وأخرج جميعهم من الهيكل فطرد البقر والخراف وبدد دراهم الصيارف وقلب موائدهم، وقال متى: وقدم إليه عميان وعرج في الهيكل فشفاهم، فرأى رؤساء الكهنة العجائب التي صنع والصبيان يصيحون في الهيكل ويقولون: أوصنا يا ابن داود، مبارك الآتي باسم الرب، فتقمقموا وقالوا: ما تسمع ما يقول هؤلاء، فقال لهم يسوع: نعم، أما قرأتم قط أن من فم الأطفال والمرضعين أعددت سبحًا، وتركهم وخرج خارج المدينة وبات هناك في بيت هنيا وفي غد عبر إلى المدينة فجاع ونظر إلى شجرة تين على الطريق فجاء إليها فلم يجد فيها شيئًا إلا الورق، فقال لها: لا يخرج منك ثمرة إلى الأبد، فيبست تلك الشجرة للوقت، فنظر التلاميذ وتعجبوا وقالوا: كيف يبست التينة للوقت، أجاب يسوع وقال لهم: الحق أقول لكم! إن كان لكم إيمان ولا تشكون ليس مثل هذه الشجرة التين فقط تصنعون ولكن تقولون لهذا الجبل: تعال واسقط في البحر، فيكون، وقال مرقس: إن كان لكم إيمان بالله، لحق أقول لكم: إن من قال لهذا الجبل: انتقل واسقط في هذا البحر، ولا يشك في قلبه بل يصدق فيكون له الذي قال، من أجل هذا أقول لكم: إن كل ما تسألونه في الصلاة بإيمان أنكم تنالونه فيكون لكم، وقال متى: وكل ما تسألونه في الصلاة بإيمان تنالونه، وقال مرقس: فقال له يوحنا، يا معلم! رأينا واحدًا يخرج الشياطين باسمك فمعناه لأنه لم يتبعنا، قال لهم يسوع: لا تمنعوه ليس يصنع أحد قوة باسمي، ويقدر سريعًا أن يقول على الشر، كل من ليس هو عليكم فهو معكم ومن سقاكم كأس ماء باسم أبيكم المسيح الحق أقول لكم: إن أجره لا يضيع.
وفيه مما لا يجوز إطلاقه في شرعنا إطلاق الأب على الله وإطلاق الرب على غيره بلا قيد، وقد تقدم التنبيه على مثل ذلك غير مرة- والله الهادي للصواب. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

قوله تعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا على ءاثارهم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابن مَرْيَمَ وءاتيناه الإنجيل} وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
معنى قفاه أتبعه بعد أن مضى، والمراد أنه تعالى أرسل بعضهم بعد بعض إلى أن انتهى إلى أيام عيسى عليه السلام فأرسله الله تعالى بعدهم وآتاه الإنجيل.
المسألة الثانية:
قال ابن جني قرأ الحسن: {وآتيناه الأنجيل} بفتح الهمزة، ثم قال: هذا مثال لا نظير له، لأن أفعيل وهو عندهم من نجلت الشيء إذا استخرجته، لأنه يستخرج به الأحكام، والتوراة فوعلة من ورى الزند يرى إذا أخرج النار، ومثله الفرقان وهو فعلان من فرقت بين الشيئين، فعلى هذا لا يجوز فتح الهمزة لأنه لا نظير له، وغالب الظن أنه ما قرأه إلا عن سماع وله وجهان أحدهما: أنه شاذ كما حكى بعضهم في البرطيل وثانيهما: أنه ظن الإنجيل أعجميًا فحرف مثاله تنبيهًا على كونه أعجميًا.
قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الذين اتبعوه رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابتدعوها} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
احتج أصحابنا بهذه الآية على أن فعل العبد خلق لله تعالى وكسب للعبد، قالوا: لأنه تعالى حكم بأن هذه الأشياء مجعولة لله تعالى، وحكم بأنهم ابتدعوا تلك الرهبانية، قال القاضي: المراد بذلك أنه تعالى لطف بهم حتى قويت دواعيهم إلى الرهبانية، التي هي تحمل الكلفة الزائدة على ما يجب من الخلوة واللباس الخشن والجواب: أن هذا ترك للظاهر من غير دليل، على أنا وإن سلمنا ذلك فهو يحصل مقصودنا أيضًا، وذلك لأن حال الاستواء يمتنع حصول الرجحان وإلا فقد حصل الرجحان عند الاستواء والجمع بينهما متناقض، وإذا كان الحصول عند الاستواء ممتنعًا، كان عند المرجوحية أولى أن يصير ممتنعًا، وإذا امتنع المرجوح وجب الراجح ضرورة أنه لا خروج عن طرفي النقيض.
المسألة الثانية:
قال مقاتل: المراد من الرأفة والرحمة هو أنهم كانوا متوادين بعضهم مع بعض، كما وصف الله أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام بذلك في قوله: {رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].
المسألة الثالثة:
قال صاحب الكشاف: قرئ {رآفة} على فعالة.
المسألة الرابعة:
الرهبانية معناها الفعلة المنسوبة إلى الرهبان وهو الخائف فعلان من رهب، كخشيان من خشي، وقرىء: {ورهبانية} بالضم كأنها نسبة إلى الرهبان، وهو جمع راهب كراكب وركبان، والمراد من الرهبانية ترهبهم في الجبال فارين من الفتنة في الدين، مخلصين أنفسهم للعبادة ومتحملين كلفًا زائدة على العبادات التي كانت واجبة عليهم من الخلوة واللباس الخشن، والاعتزال عن النساء والتعبد في الغيران والكهوف، عن ابن عباس أن في أيام الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام غير الملوك التوراة والإنجيل، فساح قوم في الأرض ولبسوا الصوف، وروى ابن مسعود أنه عليه السلام، قال:
«يا ابن مسعود: أما علمت أن بني إسرائيل تفرقوا سبعين فرقة، كلها في النار إلا ثلاث فرق، فرقة آمنت بعيسى عليه السلام، وقاتلوا أعداء الله في نصرته حتى قتلوا، وفرقة لم يكن لها طاقة بالقتال، فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وفرقة لم يكن لها طاقة بالأمرين، فلبس العباء، وخرجوا إلى القفار والفيافي وهو قوله: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الذين اتبعوه رَأْفَةً} إلى آخر الآية».
المسألة الخامسة:
لم يعن الله تعالى بابتدعوها طريقة الذم، بل المراد أنهم أحدثوها من عند أنفسهم ونذروها، ولذلك قال تعالى بعده: {مَا كتبناها عَلَيْهِمْ}.
المسألة السادسة:
{رهبانية} منصوبة بفعل مضمر، يفسره الظاهر، تقديره: ابتدعوا رهبانية ابتدعوها، وقال أبو علي الفارسي: الرهبانية لا يستقيم حملها على {جَعَلْنَا}، لأن ما يبتدعونه هم لا يجوز أن يكون مجعولًا لله تعالى، وأقول: هذا الكلام إنما يتم لو ثبت امتناع مقدور بين قادرين، ومن أين يليق بأبي على أن يخوض في أمثال هذه الأشياء.
ثم قال تعالى: {مَا كتبناها عَلَيْهِمْ} أي لم نفرضها نحن عليهم.
أما قوله: {إِلاَّ ابتغاء رضوان الله} ففيه قولان: أحدهما: أنه استثناء منقطع.
أي ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله الثاني: أنه استثناء متصل، والمعنى أنا ما تعبدناهم بها إلا على وجه ابتغاء مرضاة الله تعالى، والمراد أنها ليست واجبة، فإن المقصود من فعل الواجب، دفع العقاب وتحصيل رضا الله، أما المندوب فليس المقصود من فعله دفع العقاب، بل المقصود منه ليس إلا تحصيل مرضاة الله تعالى.
أما قوله تعالى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَئَاتَيْنَا الذين ءَامَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فاسقون} ففيه أقوال:
أحدها: أن هؤلاء الذين ابتدعوا هذه الرهبانية ما رعوها حق رعايتها، بل ضموا إليها التثليث والاتحاد، وأقام أناس منهم على دين عيسى حتى أدركوا محمدًا عليه الصلاة والسلام فآمنوا به فهو قوله: {فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون}.
وثانيها: أنا ما كتبنا عليهم تلك الرهبانية إلا ليتوسلوا بها إلى مرضاة الله تعالى، ثم إنهم أتوا بتلك الأفعال، لكن لا لهذا الوجه، بل لوجه آخر، وهو طلب الدنيا والرياء والسمعة.
وثالثها: أنا لما كتبناها عليهم تركوها، فيكون ذلك ذمًا لهم من حيث إنهم تركوا الواجب.
ورابعها: أن الذين لم يرعوها حق رعايتها هم الذين أدركوا محمدًا عليه الصلاة والسلام، ولم يؤمنوا به، وقوله: {فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم} أي الذين آمنوا بمحمد وكثير منهم فاسقون يعني الذين لم يؤمنوا به، ويدل على هذا ما روي أنه عليه السلام قال: «من آمن بي وصدقني واتبعني فقد رعاها حق رعايتها، ومن لم يؤمن بي فأولئك هم الهالكون».
وخامسها: أن الصالحين من قوم عيسى عليه السلام ابتدعوا الرهبانية وانقرضوا عليها، ثم جاء بعدهم قوم اقتدوا بهم في اللسان، وما كانوا مقتدين بهم في العمل، فهم الذين ما رعوها حق رعايتها، قال عطاء: لم يرعوها كما رعاها الحواريون، ثم قال: {وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فاسقون} والمعنى أن بعضهم قام برعايتها وكثير منهم أظهر الفسق وترك تلك الطريقة ظاهرًا وباطنًا. اهـ.

.قال القرطبي:

{ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}.
فيه أربع مسائل:
الأولى قوله تعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا} أي أتبعنا {على آثَارِهِم} أي على آثار الذرية.
وقيل: على آثار نوح وإبراهيم {بِرُسُلِنَا} موسى وإلياس وداود وسليمان ويونس وغيرهم {وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابن مَرْيَمَ} فهو من ذرية إبراهيم من جهة أمه {وَآتَيْنَاهُ الإنجيل} وهو الكتاب المنزل عليه.
وتقدّم اشتقاقه في أوّل سورة (آل عمران).
الثانية: قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الذين اتبعوه} على دينه يعني الحواريين وأتباعهم {رَأْفَةً وَرَحْمَةً} أي مودّة فكان يواد بَعضهم بعضًا.
وقيل: هذا إشارة إلى أنهم أمروا في الإنجيل بالصلح وترك إيذاء الناس وألان الله قلوبهم لذلك، بخلاف اليهود الذين قست قلوبهم وحرّفوا الكلِم عن مواضعه.
والرأفة اللين، والرحمة الشفقة.
وقيل: الرأفة تخفيف الْكَلِّ، والرحمة تحمُّل الثقل.
وقيل: الرأفة أشد الرحمة.
وتم الكلام.
ثم قال: {وَرَهْبَانِيَّةً ابتدعوها} أي من قِبل أنفسهم.
والأحسن أن تكون الرهبانية منصوبة بإضمار فعل؛ قال أبو علي: وابتدعوها رهبانية ابتدعوها.
وقال الزجاج: أي ابتدعوها رهبانية؛ كما تقول رأيت زيدًا وعمرًا كلّمت.
وقيل: إنه معطوف على الرأفة والرحمة؛ والمعنى على هذا أن الله تعالى أعطاهم إياها فغيّروا وابتدعوا فيها.
قال الماوردي: وفيها قراءتان؛ إحداهما بفتح الراء وهي الخوف من الرَّهب.
الثانية بضم الراء وهي منسوبة إلى الرُّهبان كالرُّضْوانية من الرُّضْوان؛ وذلك لأنهم حملوا أنفسهم على المشقات في الامتناع من المطعم والمشرب والنكاح والتعلق بالكهوف والصوامع؛ وذلك أن ملوكهم غيّروا وبَدّلوا وبقي نفر قليل فترهّبوا وتبتّلوا.
قال الضحاك: إن ملوكًا بعد عيسى عليه السلام ارتكبوا المحارم ثلاثمائة سنة، فأنكرها عليهم من كان بقي على منهاج عيسى فقتلوهم، فقال قوم بقوا بعدهم: نحن إذا نهيناهم قتلونا فليس يسعنا المقام بينهم، فاعتزلوا الناس واتخذوا الصوامع.
وقال قتادة: الرهبانية التي ابتدعوها رفض النساء واتخاذ الصوامع.
وفي خبر مرفوع: «هي لحوقهم بالبراري والجبال» {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} أي ما فرضناها عليهم ولا أمرناهم بها؛ قاله ابن زيد.
وقوله تعالى: {إِلاَّ ابتغاء رِضْوَانِ الله} أي ما أمرناهم إلا بما يرضي الله؛ قاله ابن مسلم.
وقال الزجاج: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} معناه لم نكتب عليهم شيئًا البَتّة.
ويكون {ابتغاء رِضْوَانِ الله} بدلًا من الهاء والألف في {كَتَبْنَاهَا} والمعنى: ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله.
وقيل: {إِلاَّ ابتغاء} الاستثناء منقطع، والتقدير ما كتبناها عليهم لكن ابتدعوها ابتغاء رضوان الله.
{فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} أي فما قاموا بها حق القيام.
وهذا خصوص؛ لأن الذين لم يرعوها بعض القوم، وإنما تسببوا بالترهب إلى طلب الرياسة على الناس وأكل أموالهم كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأحبار والرهبان لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الناس بالباطل وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله}.